يعتبر الخوف ظاهرة طبيعية لدى الأطفال بل ولدى الكبار أيضًا، فالخوف غريزة يولد بها الإنسان،

ولكن تتباين درجة المخاوف لدى الأفراد باختلاف أعمارهم وطريقة تنشئتهم، ويمكن تعريف الخوف بأنه شعور ناجم عن الخطر أو التهديد المتصو،

ويقوم بالتسبب في إحداث تغير في العمليات الفسيولوجية والعضوية لدى الفرد ليؤدي في نهاية المطاف إلى تغيير في السلوك، مثل الهروب،

والاختباء، وقد يحدث الخوف لدى الفرد تحسبًا لوجود تهديد محتمل في المستقبل كوجود خطر على الجسد أو الحياة عمومًا.

   ويتعرّض الأطفال للعديد من المخاوف وبخاصة في المراحل الأولى من حياتهم، وتتنوع المخاوف لدى الأطفال،

حيث يخشى الكثير منهم الدخول إلى الغرف والأماكن المظلمة، وكثيرًا ما يُصرّون على تشغيل الإضاءة،

كما يخاف العديد منهم من صوت الرعد، أو الأصوات الغريبة. وتختفي هذه المخاوف وغيرها تدريجيًا عندما يكبر الطفل،

ويستطيع الآباء مساعدة أطفالهم في التغلّب على هذه المخاوف والتخلّص منها، لكن الأمر يتطلّب الحكمة، والصّبر،

والتفهم من قبل الأهل، وفي الوقت نفسه، تقديرهم لبعض المخاطر الفعلية التي قد  تُهدّد أطفالهم.

    ويُعد الموت أحد المخاوف الأساسية لدى الأطفال، وتختلف قدرتهم على فهم الموت بحسب المرحلة العمرية،

وخصوصًا في مرحلة ما قبل الدخول إلى المدرسة، وذلك لأن مفهوم الموت بالنسبة لهم ما زال غير واضح،

ويبدأ هذا النوع من الخوف بالتلاشي بعد عمر عشر سنوات. وإذا ما سأل الأطفال عن سبب الموت،

فسيكون حتما لأنهم قد سمعوا عن موت أو حادثة أودت بحياة أحد الأشخاص أو الأقارب، وعلى الوالدين الانتباه لهذه الأسئلة و أخذ الكلام على محمل الجد،

لأنه قد يدلّ على الخوف والقلق اللذين يعيشهما الأطفال.

               و ينبغي على الأهل ملاحظة تساؤلات الأطفال ومخاوفهم عن الموت أو أي شيء آخر فإذا ازدادت التساؤلات فقد يكون ذلك مؤشرا على تعرضهم لخبرة أو موقف مزعج،

سواء بالمشاهدة أو السماع أو القراءة، أو حديث الأهل عن الموت بالهمس والسر وأحيانًا بغموض، ما ينتج عنه حيرة وخوف عند الأطفال،

لأنه يصعب عليهم تخيّل نهاية للحياة، ويرتعبون من فكرة أن حياتهم وحياة من حولهم يمكن أن تنتهي فجأة،

ومن المهم علاج الأطفال من الخوف إذا شعرنا أنهم ليسوا على طبيعتهم، وأن خوفهم يؤثّر سلبًا على حياتهم،

وممارسة نشاطهم اليومي المعتاد، كالذهاب للمدرسة، واللعب مع بقية الأطفال، أو عدم النوم، أو التعرّض لإجهاد كبير ناتج عن الخوف،

وفي هذه الحالة، يجب عرضهم على طبيب نفسيّ مختص في علاج الأطفال.

وهناك مجموعة من النصائح المهمة للآباء للتّعامل مع مشكلة خوف الأطفال من الموت  نوجزها فيما يلي:

1-ينبغي قول الحقيقة للطفل بوضوح فيما يتعلق بموت أحد الأقارب، فمن غير المناسب أبدًا إذا ماتت جدته أن نقول له أن جدتك نامت ولم تقم،

أو أنها سافرت؛ لأن الطفل سوف يخاف من النوم مخافة أن ينام ولا يقوم، كما أنه سيخاف من السفر،

وقد يرى كوابيس مرعبة، لذا يجب إخبار الطفل بصراحة شرط أن نسيطر على عواطفنا ومشاعرنا حتى لا يخاف الطفل إذا أظهرنا الحزن بشكل عنيف.

2-عدم تجنب الحديث عن الموت إذا سأل الطفل عنه،  وإذا عجزنا عن تقديم إجابات لبعض أسئلة الطفل المطروحة يمكن ببساطة أن نخبره  بأننا لا ندري.

3- إذا حدث وتوفي أحد الأقارب وكان الطفل مرتبطا به، بين له أن بإمكانه البكاء والحزن، وألا يكتم مشاعره، لأن ذلك  سيؤثر عليه سلبيًا على المدى الطويل..

4-القرب من الطفل في الأوقات الصعبة، ومنحه الحب والرعاية اللازمة، فالطفل يحتاج إلى الشعور بالأمان وخصوصًا أثناء صدمة موت أحد الأقارب.

5-توفير بيئة آمنة يستطيع الطفل فيها التعبير عن مشاعره. و مساعدته على إيجاد طرق لتفريغ  مشاعره السلبية عن طريق اللعب، أو الرسم.

6-امنح الطفل وقتًا للحديث وطرح الأسئلة والتعبير عن مخاوفه، و عَلِّمْه كيفية تقدير درجة خوفه كاستخدام التّدريج من 110،

حيث أن رقم 1 للمواقف الأقل خوفًا، ورقم 10 للمواقف الأكثر خوفًا.

7-يجب أن يحدّث أحد الوالدين الطفل بثقة وهدوء، فأسلوب الكلام والحديث مع الطفل حول مشكلة خوفه أمر مهمّ للغاية،

كما أنّ السّماح للطّفل بأن يتحدّث عن خوفه يساعده في التغلّب عليه.

8-أخبر المحيطين بالطفل مثل المربية أو المعلمة بما يمر به، ليكون بإمكانهم مساعدته.

9-تعليم الطفل آليات وطرق الاسترخاء المختلفة، كأن يأخذ نفَسًا عميقًا، أو أن يتخيّل نفسه يطفو على سحابة،

أو مُستلقيًا على شاطئ البحر.